قضايا بلا حلول والجدل حولها لا ينتهي - 2

صلاح الدين محسن
 1-4-2023
زرع فيرس قوميته بدواخلنا وكذلك غرس فيروس عقيدته في عقولنا.  باتت مغروسة , وعاد مطمئنا الي بلده  بعدما امتص من دماء جدودنا وشبع حتي الثمالة   وتركنا كما لو عفريت يسكن بدواخلنا وينطق باسمه , باسم المحتل الغازي ! ويسيرنا العفريت  كما المنومين , الي بلاد المحتل الغاصب , طائعين  ! ونحسبها وجاهة ! .. لندفع له الجزية في شكل طقوس وفريضة عقائدية  ! مليارات نتكبدها كل عام  في وطن المستعمر القديم - حج وعمرة - *  ونحن بلد مديون ! وغالبية شعبنا فقراء ! لكنها فريضة مفروضة منذ 1400 عام ! - فريضة وشعنا لها لقب و وجاهة ! وهي عارُ تاريخي ! .

عندما كنت وأبناء جيلي من المصريين أطفالاً ندرس في الفرقة الرابعة بالمدارس الابتدائية - في عهد ديك العروبة المصياح " جمال عبد الناصر ".. كان مقرراً علينا كتاب , عنوانه " التربية القومية " - طبعاً القومية المقصودة هي القومية العربية - وليست القومية المصرية ! وبلدنا اسمه مصر ! ولكن المقصود كان قومية بلاد الحجاز / أو نجد والحجاز ( العربية ) - كما كانت تسمي - وقتذاك - في الخرائط والكتب المصرية .

وفي ذاك الكتاب قالوا لنا ان الدول الممتدة من الخليج للمحيط  (  بالمناسبة : كل خرائط الدنيا تسميه الخليج الفارسي ! عدا خرائط دول العربفون - تسميه الخليج العربي - ما علينا ! )
علمونا في ذاك الكتاب " التربية القومية "  أن : مقومات الوحدة العربية / والقومية العربية :
1 - لغة واحدة هي اللغة العربية ( وذاك كذب .. توجد لغات كثيرة لقوميات أخري كثيرة , وفي بعضهم من لا يعرفون كلمة عربية واحدة , أكراد , وسريان وكلدان وآشوريين  وأمازيغ , أقباط , وربما بعض النوبيين , وغيرهم )
2 - ديانة واحدة ( وهذا كذب صراح  !.. توجد ديانات أخري : مسيحية , ويهودية , صابئة , ايزيدية )
3 - عادات وتقاليد واحدة ( كذب أشِر !.. فلكل شعب من الخليج للمحيط .. عادات وتقاليد كثيرة مختلفة , حتي في الملابس وفي الطعام , وفي الاغاني والموسيقي .. )
4 - وقد كنا وطناً واحداً والاستعمار فرق بيننا  / عين الكذب ! ( يقصد الاستعمار الانجليزي والفرنسي والايطالي .. وهذا كذب !.. فقد كنا دولاً .. لا دولة واحدة .. كل دولة فيها شعب مختلف وحضارة وقومية مختلفة وتاريخ وهوية لا شان لها بالعرب.. غير عربية .. والاستعمار العربسلامي البدوي البدائي هو الذي قيدنا بسلاسل ديانته ولغته - مستخدماً في ذلك السيف والجزية . ودفن هوية كل شعب منا . وثبت هويته وديانته . والتاريخ يتذكر )
!!
لأننا كنا أطفالاً صغاراً صدقنا كل ذاك الكذب ( القومجي- العروبجي ) , بطبيعة الحال .. خاصة عندما نأخذه من فم المعلم الذي كلفته الدولة المصرية وزارة التربية والتعليم - بتعليمنا ! - زمن عبد الناصر - الذي عين لتلك الوزارة وزيراً كان ضابطاً بالجيش في سلاح المدفعية ! - كمال الدين حسين - )
--
عندما سمعت - في المدرسة الاعدادية - شرح المدرس لتاريخ الدولة العباسية , كنت أتصور ان الخلفاء الاسلاميين العباسيين - هارون الرشيد و المأمون - .. هم أجدادي .. والمجد - المزعوم - الذي ظللهم - حسبما حدثنا عنه المدرس / .. هو مجد شخصي لي أنا.. ! 
لم يقل لنا المدرس , ان ما فعلوه هو استعمار وعدوان غاشم علي الدول والشعوب - وجرائم حرب ممثلة في حرق ونهب وسلب , وأسر للنساء واغتصابهن وبيعهن في أسواق الجواري .. بل كان يسميه : فتح .. فتح من الله ونصر مبين ! ) ولم يقل لنا ان ما كان الخليفة العربسلامي يغدقه علي الندامي من الشعراء والظرفاء والجواري والغواني .. هو من قوت أجدادنا , انتزع منهم عنوة . باسم خِراج  وجزية .. وزكاة وصدقة .. ! وبالسيف ..
---- 
حتي سن٣٠ سنة من عمري ظل يلازمني ذاك الإحساس والاعتقاد ! وكيف لا ؟  وأنا ابن الجيل الذي سمع إله السياسة الواحد الأحد ( عبد الناصر ) يقول في خطاب عام ، وصوته فيه شبه تهدج لاستدرار التعاطف : احنا عرب . ربنا خلقنا عرب بهذه المنطقة .
!!
لذا ظللت حتي سن الثلاثين , أعتقد في اننا عرب وأمة واحدة من الخليج للمحيط ، والاستعمار الغربي هو الذي فرقنا - كدول !! ( كما علمونا في المدرسة ) ! حتي حَصّلت مزيداً من الثقافة وعرفت اننا ما زلنا مُجمَعيّن كشعوب - عربفونية - بقيود وسلاسل : الاستعمار العرب-اسلامي . في سجن اسمه : العروبة والاسلام .

أغلب الكاتبات والكتاب اليساريين والتقدميين والعلمانيين والتنويريين يقولون في كتاباتهم ما يكرس استمرار بقاء بلادهم تحت نير العروبة بالقول :
العاااالم العربي ! الوطن العربي ! وطننا العربي !  أمتنا العربية !  , نحن العرب ! - بقصد : الدول المُعوّرَبة بالسيف وبالجزية .. ! بدلاً من القول : الشعوب الناطقة بالعربية , أو : الدول العربفونية ...  !!  
 فماذا تقول لهؤلاء .. !؟
و هل هناك أمل ؟؟ 
أم ستتفتق القرائح المبدعة , عن دُرَرٍ من التبريرات ...!؟
-------
( لا نستثني منهم سوي قلة قليلة تعد علي أصابع اليد الواحدة - نتذكر منهم الأساتذة : طارق حجي - مصري - ,  محمد زكري - ليبي - , نضال نعيسة - سوري -  ) .

----- والي الحلقة الثالثة

من التعليقات :
رد الكاتب 
شكر للسادة المعلقين  
نشكر تعليقاتكم الكريمة واضافاتكم الثرية
تنويه : المقال السابق " مندوب الجيناتك " -  مع احترامنا للأصدقاء القراء 
 -  هو عندي أهم بكثير من هذا المقال / وكنت في نهايته قد رحبت بأية تصحيحات أو اضافات   
 ان " طب الجيناتك - أو " الطب الجيني " في رأيي سوف يعالج كل غباءات وجهالات السياسيين , وكافة الحماقات والبلاهات العقائدية , بكل أنواعها و درجاتها
 طب الجينات - نراه سوف يخلق انسان سوبر - أو أقرب لذلك - وسيكون من حظ الأجيال الجديدة , وهذا لن يحتاج لسنوات كثيرة , بل سنفاجأ بتطبيقه قريبا , كما فوجئئا منذ أيام , بدول أوروبية تغلق المئات من مزارع الأبقار !- ولعل نفس الشيء سيحدث مع مزارع الدواجن  , للتحول للغذاء النباتي , كجزء من اجراءات علاج الاحتباس الحراري حفاظا علي سلامة البيئة  ولانقاذ العالم من دمار بات علي الأبواب
وكما اعتدنا علي ان يأتينا الغرب بكل جديد  ونمضي وراءه ,,  بعدما نتردد ونكفره لبعض الوقت,, قريبا سوف يفاجئنا بقرارات دولية لتطبيق العلاج الجيني الالزامي - وبعد تلكؤ ولكاعة وبعض المكابرة ! ستنصاع الحكومات والأنظمة الذيلية الزنيمة 
ممنون لحضوركم ومشاركاتم
تحياتي

____________________________

تعليقات