هل توجد حياة بعد الموت / بعيداً عن الأديان - ؟

هل توجد حياة بعد الموت / بعيداً عن الأديان - ؟
صلاح الدين محسن
18-7-2022
لي صديق  فقد أعز الناس عنده .. فكانت صدمته شديدة .. من وقت لآخر يسألني عما اذا كانت توجد حياة بعد الموت .. 
هو مثقف كبير .. ولكن من سؤاله يبدو لي انه يأمل في أن تكون لدي معلومة تؤكد ذلك . 
انه يعيش بأمل أن يلتقي بمن فقدهم .. والقول بعدم وجود حياة بعد الموت هو صدمة كبيرة له 
أحياناً نتمني وجود شيئ ولو بالوهم .. أفضل من أن نصدم ظهورنا ورؤسنا في حائط حارة سد بلا منافذ .. اسمه" اليأس " ..
لذا فاغلب المؤمنين بدين ما , ينامون علي وسادة من حرير الخرافة .. اذا ما فندت لهم تلك الخرافة , جن جنونهم .. فقد أيقظتهم من نوم لذيد في الوهم - انه شيء - ..أفضل من اللاشيء .!. من العدم .. وهو يفضل الوهم والخرافة علي أن تصدمه في حارة سدّ .. الموت ولا شيء بعده .. 

لذا فكثيرون من المؤمنين يهيجون ويعاندون ويتعنتون ويصرون علي مكايدتك بالقول : الحمد لله علي نعمة الخرافة ( الايمان - كما يسمون الخرافة ) .. 
ويقال ان الطب الحديث يؤمن بأن الايهام والاعتقاد يمكن أن يلعبان دوراً في الشفاء .. ( الاعتقاد بأن شيئاً سوف يشفيه : طعام معين , شراب ما , دعاء أو رقية من شخص , أو نذر لأحد الأضرحة المقدسة , أو تمثال - صنم - لإله , سوف يجلب له الشفاء .. )

المهم .. أنني قلت لصديقي : لا أستبعد وجود حياة بعد الموت .. حياة أثيرية شفافة - بخلاف ما قالته لنا الأديان - لا حساب ولا عقاب , ولا جنة ولا نار السعير أو سقر ..
وهذا حسب ما قرأته منذ حوالي 50 سنة , وقتما كان عمري ما بين 19 و 22 سنة .. وهو كتاب " الانسان روح لا جسد " للدكتور رؤوف عبيد - عميد أسبق لكلية الحقوق /جامعة القاهرة ..
الكتاب وقتذاك كان 3 أجزاء كبيرة . الواحد منها كثمن ثلث راتبي الشهري - 4 جنيهات - لذا فقد قرأت الأجزاء الثلاثة في دار الكُتُب المصرية - في مبناها القديم بحي باب الخلق - بالقاهرة  .
( بالاضافة لذلك كنت قد قرأت سلسلة مقالات للأديب الراحل الكبير أنيس منصور - جمعها في كتاب فيما بعد - وهي بعنوان " أشباح وأرواح ) .

وملخص كتاب الدكتور رؤوف عبيد " الانسان روح لا جسد ": انه يوجد علم اسمه " علم الروح " له معاهد تدرسه , ( وحسبما أتذكر, قال ان منها في أمريكا , والبرازيل , وبعض دول أوروبا .. وانهم يستعينون بذاك العلم في الوصول للأدلة الجنائية . التي يتعذر علي البوليس الوصول اليها . وكذلك في علاج بعض الأمراض التي يعجز أمامها الطب الحديث ... وكل ذلك بالاستعانة بالأرواح - بتحضيرها ..
الكتاب لا يصطدم مع الأديان اطلاقاً وأيضاً لا يحابيها البتة . ولا يشير اليها . لا من قريب ولا من بعيد .
بل يعتمد علي أبحاث روحية نقلها المؤلف من دول الغرب , وبعض منها نقلها من مصر - كتحضير روح الشاعر أحمد شوقي , التي ألقت قصيدة - وبعرضها علي الأكادميين المتخصصين في الشعر - ولاسيما شعر شوقي . قالوا هذا أسلوب شوقي ,  ولكن القصيدة ليست موجودة بالشوقيات .. ! 
وقتذاك , اقتنعت بنسبة 80%  بما جاء في الكتاب . وكان ينقصني أن أشاهد بنفسي 3 أو 4 جلسات لتحضير الأرواح . ولهذا الغرض . ذهبت لجمعية معنية بذلك - تقريباً في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي .  كان يرأسها دكتور علي عبد الجليل راضي - أستاذ الفيزياء - السابق . بجامعة عين شمس .. وله مؤلفات أيضاً في مجال الروحيات . 
ولكن لسبب أو لآخر .. لم أتمكن من الاطلاع بنفسي علي بعض جلسات تحضير الأرواح .
اتضح أن صديقي - وهو يكبرني ب 3 سنوات - قد قرأ نفس الكتاب .. ولكنني اعتقد في انه كعقلاني , عنده شك ديكارت . ويقف في المنطقة الوسطي بين الاقتناع وعدم الاقتناع بوجود حياة بعد الموت .
لكن لو اتفقنا علي وجود حياة بعد الموت , ثم بعدد موتنا لم نجد شيئاً - ولا شيء وجدنا سوي التراب - , فماذا بمقدورنا أن نفعل ؟؟
وان اتفقنا علي عدم وجود حياة بعد الموت , فماذا سنفعل ؟ هل سيجعلنا هذا نوصي بتحنيط أجسادنا . كما قدماء المصريين , بأمل عودة الروح ذات يوم , لمومياواتنا , فنحيا من جديد ؟
أم سنوصي بحفظ جثاميننا في ثلاجة , لحفظها , بأمل تمكن الطب مستقبلاً من اعادة الموتي للحياة , فنبعث من جديد ؟ - بعض الناس - حسب علمي - فعلوا ذلك . ولكن الموضوع مكلف جداً - كما يقال - .. 
لا تهم التكلفة اذا توفر المال .. المهم الجدوي - ان كانت هناك جدوي -.
لذا أقول لصديقي : خلينا مع المثل الشعبي المصري : يا خبر بفلوس . بكرة يبقي ببلاش "
فاصبر حتي نموت .. .. ! ونعرف الحكاية بالضبط - اذا كان بعد الموت توجد ثمة حكاية . أو ثمة معرفة بشيء . !  وعلي من يموت منا أولاً , أن يزور صديقه في المنام , ويحكي له الحكاية " من أول طقطق , للسلامُ عليكو "..
مع ان من رحلوا من أحبائنا .. ما زارنا منهم أحد  ليطلعنا علي ما حدث له بعد الموت .. بل ذهبوا , وبعد ذهابهم : لا حِس ولا خبر ..  
العيش حتي 300 سنة - كما سيدة باكستانية - الشكل مقرف للغاية , الموت والفناء ألطف من ذاك الشكل :

فيديو معمرة 300 سنة :
https://www.youtube.com/watch?v=yDI8XxD3MkI
لو تمكن العلم من التغلب علي كل مظاهر قبح الشيخوخة - كما نراها عند المعمرة الباكستانية ذات ال 300 عام - سيبقي الروتين والتكرار وما يسببانه من ملل وسأم
سيملّ الانسان من النوم 
سيملّ الانسان من كثرة الطعام و كثرة الشراب - وتوابهما من مخلفات متنوعة - .
سيملّ الانسان من كثرة العمل وتكرار ذلك
سأم .. سأم .. سأم ..
سيملّ الانسان حتي من المتعة الجنسية . كما عبر الشاعر " صلاح عبد الصبور ":
دبيب فخذي امرأة ما بين إليتيّ رجل .. سأم .  
لذا يقول يقول عمر الخيام : 
لبست ثوب العيش لم أُستشر , وحِرتُ فيه بين شتى الفكر 
وسوف أنضو الثوب عنى ولم أدركُ لماذا جئتُ. أين المفر 

أين المفر؟ أين المفر ؟
 
--- أسمع صوت فيروز تغني " لما لا أحيا وظل الورد يحيا في الشفاة .. سوف أحيا .. سوف أحيا "
وهل لدينا بديل يا ست فيروز لغير ذلك .. سوف نحيا .. المشكلة الآن فيما بعد أن نحيا - هذا المابعد الذي لا نعرف متي يجيء , ولا كيف ؟ ولا أين ؟
" حيث لا يدري أيُ خروفٍ  بأيةِ حظيرةٍ يُذبح  ولا بأيةٍ سكين "
وهنا تصيح أم كلوم , بل تزعق وتكرر الزعيق :
" أطفيء لظي القلب , بشهد الرضاب - رحيق الشفايف الحلوة -
فإنما الأيام مثل السحاب "
------


____________________________

تعليقات