عوووولمة - مسرحية من فصل واحد - من الإرشيف
عوووولمة - مسرحية من فصل واحد
- من الإرشيف -
- من الإرشيف -
تاليف : صلاح الدين محسن
2009 / 11 / 24
الشخصيات :
1 - فراج / أخصائي اجتماعي – يناهض العولمة
2 أنور / صاحب منفذ لبيع الخبز. يحمل ليسانس آداب/ قسم جغرافيا
3 سعد / ملاحظ أعمال كهرباء
4 سمير / مساعد رئيس مستودع
5 ماجد / محاسب
6 هاني / مأمور جمارك
7 - وجيه / صاحب مكتبة لبيع الأدوات المكتبية
8 – رمزي / عامل بمقهي
--
( يرفع الستار عن منظر مقهي شعبي . المقهي له بابان . يجلس بأحد اركانه عدد من الموظفين هم مجموعة أصدقاء ، و بالركن الآخر يجلس عدد من الحرفيين والمهنيين ) .
صوت غريب مخيف يشبه عواء الذئب . ياتي من احد بابي المقهي ، : عوووووو لمة .. عوووو لمة ..
الصوت يتكرر : عوووو لمة .. عوووو لمة
- رواد المقهي . كل ينظر مشدوها . ناحية الباب الذي يأتي منه الصوت - .
( الرجل الذي يطلق ذاك الصوت . ينظر من طرف باب المقهي ، لا يظهر منه سوي نصف وجهه ، وهو يكرر صياحه او عوائه : عوووو لمة ، عووو لمة ) .
( يحاول الجالسون بالمقهي بعدما ترك كل منهم . ما كان ينشغل به أما بشرب الشاي أو القهوة ، أو بلعب الورق أو الدومينو او الشطرنج . وكذلك من كان مشغولا بحديث مع صاحبه و مجموعة أصحاب . توقفوا جميعا ليستكشفوا طبيعة الصوت . في البداية ، ثم راح كل منهم يفرك عينية ويزم جبينه ، ويسرع بتشغيل ذهنه وذاكرته . لمحاولة معرفة صاحب هذا الصوت الذي لا يظهر سوي جزء صغير من وجهه بينما باقي جسده خارج باب المقهي .. ) .
( صاحب الصوت يظهر باقي وجهه ، ويكرر صياحه – عووو لمة - : عوووولمة .. ، عووولمة .. ، عوووولمة ) .
( رواد المقهي جميعهم كل يحاول معرفة صاحب هذا الوجه الذي يبدو في حالة بين المجاذيب والمجانين . ) .
هاني : ( فزعا والأسي قد ظهر عليه ) هذا الاستاذ فراج .. ما هذه المصيبة ! الرجل اتجنن ..!
ماجد : معقول؟! .. لا يا اخي .. الاستاذ فراج رجل عاقل ومثقف .
سمير: لا .. بل هو ، هو .. يا حول الله ..! الرجل كان معانا بالأمس ، وكنا بنتكلم معاه . كلامه غاية في العقل ..
أنور : نعم .. هو الأستاذ فراج هو . لكن غريبة .. ماذا فعل بنفسه ؟! شعره منكوش ووجهه ملحوس .
عامل المقهي : ( يتقدم ، ويفتح زجاجة بيببسي .ويقدمها لماجد ) البيبسي يا أستاذ ماجد ..
ماجد – ( مشغول بمتابعة فراج ، يتناول زجاجة البيبسي من رمزي ، دون كلام وبدون أن ينظر اليه ) .
( صاحب الصوت يختفي ، وصوته يبتعد تدريجيا ) .
( الجميع يبدو عليهم الأسف )
( الجانب الآخر من المقهي . حيث عدد من الحرفيين والمهنيين . يصدر منه ضحكات للبعض ، وعبارات رثاء وأسف من البعض الآخر ) .
هاني : الناس اتجننت من الغلاء . الناس بقت خلاص موش عارفة كيف تدبر المعيشة . الدخل صار قليل ، والأسعار صارت نار .. خلاص الغلاء سيجنن الناس . يسترها الستار علينا وعليكم .
سعد : نعم نعم .. الغلاء فعلا هو السبب .. الواحد حاسس انه قرب يتجنن .. والحكومة ما عندها رحمة ولا حاسة بالناس .
وجيه : يا عمي . غلاء ايه ؟! .. ليس موضوع غلاء اسعار ..
سعد : ماذا يكون يعني غير غلاء الاسعار ؟
وجيه : ( فيما يشبه الهمس ) العولمة .. العولمة .. هو الأستاذ فراج انضم لجماعة مناهضة العولمة .. قعدوا يقولوا له عن العولمة ، وما ستسببه العولمة لشعوب المنطقة ، ومخاطر العولمة علي الهوية والتراث .. ظلوا يقولوا ذلك حتي حصل له بعيد عن السامعين شوية لطف .. وعقله شت . كما ترون ..
سمير : ( يشيح بيده في ضيق ) عولمة وزفت ... عنده حق يتجنن .. احنا كمان ناقصين العولمة تجننا ؟! ، ألا يكفي غلاء الأسعار ؟!
عامل المقهي - ( يتقدم حاملا فنجان قهوة علي صينية ، يناولها الي وجيه ) قهوتك يا أستاذ وجيه . سادة حسب طلبك .
وجيه : شكرا يا رمزي .
( الصوت يعود ثانية .. يسمعونه يقترب ، ثم يقترب . حتي يصل لباب المقهي . وينظر بوجهه كاملا ويظهر بعض من ثيابه التي تبدو مهلهلة ويصيح) :
عووو لمة ... عوووو لمة عوووو لمة ، عاوزين يعولموني ، ( يبكي ) هيء هيء هيء ،، عووو لمة ، ( يتهدج صوته ) :عاوزين يعولموني ( يبكي ) هيءهيءهيء .
والنبي عاوزين يعولموني .. ( يبكي ) هيء هيء هيء .. ( ثم يصيح باحتجاج قوي ) أنا لن أتعولم .. أنا لن أتعولم .. ( ثم يركض ، ويبتعد معه تدريجيا ، ويبعتد معه صوت صياحه ) : عوووو لمة ، عوووو لمة ، عوووو لمة ....
هاني – لا حول ولا قوة الا بالله .. يعني هذه حالة لا يسكت عليها ..
أنور : ومن السبب . جماعة مناهضة العولمة هم الذين جننوه . ؟!
وجيه ( بحدة ) لا لا .. أمريكا ودول الغرب هم السبب .. هم اللي جننوه . لأنهم دايرين ورانا بالعولمة تبعهم .. هذه لعبتهم . نحن مستهدفين منهم . ربنا كبير ، يهدهم ويبعدهم عنا .
ماجد ( باندهاش وهو هاديء تماما ) مستدفنها كيف ؟! ولماذا يستهدفونا ؟!
سعد : مستهدفينا في هويتنا ، عادتنا وتقاليدنا ..
أنور : بلاش نظرية المؤامرة دي .. ولماذا يستهدفوننا ونحن لا نملك صناعة ولا زراعة شيء نافع ، وكله من عندهم ؟!
وجيه : البترول ياعم ، البترول كل هذا بسبب البترول . وعاوزين يغربونا ويقضوا علي هويتنا العربية الشرقية الاصيلة ، واحنا ناس لنا هوية وعقيدة ولنا عاداتنا ، وتقاليدتا .
أنور : ( يضحك بسخرية ) يا سلام عليها يا سلام ..! عندنا عادات وعقيدة ، وتقاليد .. أين هي و أين قيمتها ؟! طق حنك وخلاص ( يستطرد ) : حسن عقائد الناس ، وجودتها ، وصلاحية عاداتهم وتقاليدهم لازم تظهر في حكامهم و وزرائهم ، ولازم تبان في مشايخهم ورجال أديانهم ، ولابد تتجلي في نوع صناعاتهم وزراعاتهم و.. في اخلاقهم الرياضية بين الفرق الرياضية وبعضها وبين الجمهور وبعضه .. !! ( يقهقه ) . ما هو الصالح عندنا من كل تلك الأشياء لندلل به علي صلاحية مزعومة في عاداتنا وتقاليدنا وعقيدتنا ؟!
ماجد ( يرد عليه ) ولا أي شيء صالح عندنا ..لا حكام ولا مشايخ ولا زراعة ولا صناعة ولا حتي لعيبة كورة أو جمهور ( يقهقه ) صداع ..
أنور : يضحك ..
سعد ( باستياء ) يا أستاذ أنور ، أنت والأستاذ ماجد .. لماذا جلد الذات هذا ؟! هذا تشاؤم ، وجلد للذات .
أنور : عندك حق يا أستاذ سعد .في شيء ، وشيء لا .. تشاؤم .. ليس في كلامنا تشاؤم . بل عين الحقيقة والواقع .. بس كون كلامنا فيه جلد للذات . معك حق . كلامنا فيه جلد للذات وهو لا يجوز . لأن جلد الذات لم يعد يفيد فينا . والذات عندنا ناقصها تنكوي كوي ، موش جلد ( يكمل وهو يضحك ) يمكن الكوي يفوقنا ويصحينا من النوم ..
ماجد : طيب .. وما هي حكاية البترول التي لا تنتهي . طمعانين في البترول .. يعني الانسان لم يعرف الحروب بين الدول الابعد ظهور النفط ؟! .. والفرس عندما ذهبوا قبل الميلاد من 2500 سنة ، لاحتلال اليونان ، ومصر . وهاجموهما اكثر من مرة كان طمعا في بترول ؟!
أنور : ( يضحك ) والاسكندر الأكبر عندما جاء قبل الميلاد بأكثر من 300 سنة واحتل دول الشرق ومنها بلاد فارس وحتي الهند . كان أيامها لأجل البترول ؟!
ماجد : ( مؤيدا له بحماس ) عليك نور .. والعراقيين القدماء – الآشوريين ، والفرس . لما جاءوا قبل الميلاد بمئات السنين واحتلوا القدس واحرقوها وقاموا بسبي اهلها جميعهم .. هل كان ايامهم يوجد مسجد أقصي للمسلمين وكان مستهدف هو والاسلام من الفرس والآشوريين .!! ( يضحك ) .
( الجميع بين مبتسم ، وضاحك.. )
سعد : يا أخواننا . فرس ايه ؟ وآشوريين ايه ؟! ، واسكندر أكبر ايه ؟! خلونا في المصيبة التي نحن فيها الآن .. في العولمة التي رايحة تجنن الناس . هل سننتظر حتي نري بأعيننا الناس كلها تصاب بالجنون ، واحد بعد آخر بسبب العولمة .. ؟!
وجيه : ( بصوت خافت يوجه اتهاما جادا . لكل من أنور ، ماجد ) أنا شايف ان العيب كله عند الأستاذ انور ، والأستاذ ماجد...
( صياح وضحكات عالية في الجانب الآخر من المقهي، ممن يلعبون الورق ) .
( أنور ، ماجد - يلتفتان الي وجيه ، ، وقد بدت الدهشة علي وجه كل منهما . بسبب ما قاله .. )
انور : طيب وأنا ما هو الغلط الذي تراه عندي ؟!
وجيه : اوليس لك شقيق في أمريكا ؟
أنور - نعم .. ؟
وجيه – ممكن يروح يقابل أوباما ويقول له : يا عم أوباااااما اعمل معرووووف اعمل معروف ابعد عنا العولمة ، نحن لا نريد عولمة . الناس عندنا بتتجنن . حرام عليك ..
ماجد : طيب ، وانا ؟! ماذا عندي من التقصير والعيب ؟
وجيه : أوليس لك ابن أختك في فرنسا بقي له كاام سنة ومعاه الجنسية ؟
ماجد : صحيح ..
وجيه : كلمه يا اخي .. يروح للرئيس ساركوزي .. ويقول له : يا عم ساركوووزي .. احنا في عرضك ، نبوس علي ايدك . تبعدوا عنا العولمة بتاعتكم . نحن لا نريد عولمة .. خلوا عولمتكم عندكم . نحن لا نريد عولمة .. الناس بتتجنن حرام عليك يا عم ساركوزي .. حرام عليك ..
وجيه : أوليس لك ابن أختك في فرنسا بقي له كاام سنة ومعاه الجنسية ؟
ماجد : صحيح ..
وجيه : كلمه يا اخي .. يروح للرئيس ساركوزي .. ويقول له : يا عم ساركوووزي .. احنا في عرضك ، نبوس علي ايدك . تبعدوا عنا العولمة بتاعتكم . نحن لا نريد عولمة .. خلوا عولمتكم عندكم . نحن لا نريد عولمة .. الناس بتتجنن حرام عليك يا عم ساركوزي .. حرام عليك ..
أنور : ( يهز رأسه بسخرية وهو يجيب ) ان شقيقي في أمريكا لم يقصر ولا تأخر . بل قابل الرئيس أوباما وقال له ما يجب قوله عن العولمة . ما قلته أنت وأكثر منه ..
( الجميع بلهفة واهتمام ) أصحيح ؟! أصحيح انه قابل أوباما وكلمه بخصوص مشكلة العولمة وما تسببه لنا ..؟!
أنور : نعم .. قابل أوباما وكلمه ، والرجل متواضع ، وليس كالرؤساء عندنا ، استقبله واستمع لشكوته ورد عليه بأدب .
( الجميع . باهتمام وشغف للاستماع ، بأصوات متداخلة ) قاله ايه ؟ قال له ايه الرئيس أوباما ؟!
أنور : أوباما قال له . بعد ما ضحك شوية .. انه لا امريكا ولا أحد يقصدون عولمة أي من دول منطقتنا ولا غيرها .. كل ما في الامر ان تقدم وسائل الاتصال جعل الشعوب قربت جدا من بعضها فراحت لغاتها تتقارب وتتجه نحو لغة واحدة او عدد قليل جدا من اللغات بدلا من آلاف اللغات ، وبدات الناس والشعوب تقرب من بعضها انسانيا وتسقط الكثير من الحواجز التي كانت بينها بسبب صعوبة الاتصال التي كانت تباعد كثيرا بين الناس ..
( أنور . يستطرد ) : بصراحة شقيقي قال لي انه لم يصدق أوباما في البداية . وقال له يا سيدنا الرئيس . انتم هكذا تقولون ، ولكن من ناحية أخري لكم طرق للسحلبة والدحلبة - مثلما نقول عندنا في مصر - ..لاجل عولمة دول منطقتنا .. عن طريق الانترنت والفيسبوك والبالتوك .. الناس عندنا بقت تخاف من أي حاجة فيها اوك .. فيسبوك .. بالتوك ..
وجيه : أحسن أحسن .. برافو عليه . ، و أوباما .. ماذا كان رده ؟
أنور- أوباما قال له : اذا ما كنت مصدق . أسألك : كيف سمحت أمريكا لرجل أسود مثلي بأن يحكم البيت الابيض ؟ّ! طبعا لأنها تعولمت . .. أنا والدي أفريقي أسود ، وأمي أمريكية بيضاء ، ولي جدة سوداء وجدة بيضاء ، والتي ربتني وعلمتني هي الجدة البيضاء .. ، وأمي انفصلت عن أبي وتزوجت رجل اندونيسي وعشت معهما معا بعض الوقت في اندونيسا بقارة آسيا . ولي أخوة من الأب في قارة افريقيا بكينيا ، ولي أخوة من أمي بقارة آسيا في اندونيسيا.. وأمريكا وشعبها قبلوني رئيسا لأمريكا .. بعدما كان الأسود في أمريكا وأوربا عبدا منبوذا مهمشا .. قبلوه كانسان واحتضنوه وتلاحموا معه وجعلوه يلتحم معهم كانسان . بالتقدم وبالعلم والحضارة . اختاروني رئيسا لأمريكا . أوليست تلك عولمة من أمريكا علي نفسها ؟ّ! وهل تتصور هناك عولمة أكثر من عولمتها لنفسها ؟! وزيد علي ذلك انني اخترت عددا من مستشاري الرئيس من اصول غير أمريكية مثل دكتور أحمد زويل . وهو مصري الأصل ومسلم الديانة ، ولا زالت علاقاته بمصر دائمة التواصل والاتصال . ولا تنسي أن مستشارة الأمن القومي لأمريكا كلها ثم ويرة خارجيتها بعد ذلك . قبل تسلمي للرئاسة كانت ايضا سوداء افريقية الاصل " دكتورة كونداليزا رايس . وغيرها .. الا تري بعد ذلك أن أمريكا تعولم تفسها كثيرا جدا .. انني لا أفهم دواعي هواجس ووساوس تقول بأننا نسعي لعولمة شعوب اخري . من تلك الشعوب التي لا تريد أن تندمج مع نفسها !.. وتعاني من اضطهاد غالبيتها لاقليتها العرقية والدينية ! بشكل يخلو تماما من الانسانية .. فضلا علي اضطهاد النساء أيضا . بينما المتحضرون يقبلون الاندماج مع كل شعوب الدنيا . أخوتهم في الانسانية بصرف النظر عن العرق أو اللون أو الجنس أنثي أم ذكر . لا فرق ..
سمير ( وهو يخاطب عامل المقهي ) هات لنا شاي تاني يا سيدي الشاي صار بارد واحنا مشغولين بالعوووولمة
سمير ( يضحك ويضحك معه الآخرون )
هاني : أنا شايف ان كلام أوباما هكذا صح .. التحضر والارتقاء وتقدم المواصلات والاتصالات هي تؤدي للعولمة من نفسها ..
انور : ( يضيف لما قاله هاني ) : والمتحضرون يتعولمون من تلقاء أنفسهم ، ورافضوا التحضر مثل بلادنا والبلاد التي حواليها ..بطبيعة الحال كما هي خائفة من التحضر والتمدن ، وبيسبب لها حاسية في العادات والتقاليد وارتكاريا في الهوية ورعشة في العقيدة .. كذلك حالها مع الاندماج مع المجتمع الانساني .. لكن التعولم سيقوم حتما بين أفراد قرية جديدة كبيرة اسمها كوكب الارض . الذي صار الساكن بأقص الكرة الأرضية باستطاعته التحدث ورؤية من يحدثه في اليابان بينما هو في غرفته بالبرازيل . وبدون الخروج من منزله . في لحظة واحدة عن طريق ماسنجر الانترنت بالكمبيوتر ذي الكاميرا . وبدون اية تكلفة زيادة علي اشتراك الانترنت الشهري .. صارت الدنيا قرية صغيرة ..
ماجد ( بعدما مد يده لمعاودة لعب الدومينو ) وانا ابن أختي قابل الرئيس ساركوزي وكلمه بصراحة في الموضوع ، ولا اختشي منه ....والرجل كان متفهما وجاوبه وقال له كلام مقتع ..
الجميع بشغف : أصحيح ؟! أحقا ؟! وبماذا اجابه ؟
ماجد : قال له نحن لا نعولم أحد .. نحن نعولم أنفسنا ، وكل شعب حر في نفسه . و العولمة اتجاه حضاري وتطور تلقائي . وكلما كانت الدولة وشعبها متحضرين وبقدر تحضرهم بقدر ما يستجيبون للعولمة بلا ضغوط من أحد . وانما هي حاجة عصرية انسانية للتلاحم الانساني الدنيا صارت كما لو كانت قريتان راحت المساكن بينهما تقترب والتوسع السكني بينهما يمتد ويمتد حتي التحمت القريتان معا جغرافيا وانسانيا ، ومن كافة العلاقات واندمجتا معا في قرية واحدة هكذا العالم يقترب من بعضه البعض بفعل عوامل العصر وسرعة الاتصال والمواصلات الحديثة .. وضرب الرئيس ساركوزي مثلا لابن أختي قائلا له :
ألا تعلم أنني لست فرنسي الأصل ؟.. ولكنني اندمجت مع فرنسا وشعبها ، واحتضنني . ذاك الشعب المتحضر ، وفي وزارتي وزراء من أصول غير فرنسية مثل الوزيرة رشيدة داني . المغربية الأصل .. وهي وزيرة العدل .أوليست هكذا فرنسا تكون قد عولمت نفسها بنفسها ؟ فلماذا تتهموننا بأننا نسعي لعولمتكم ؟! .. ان في بلدكم مصر . علي سبيل المثال. لا تقبلوا رئيسا مصريا قديرا وقادرا علي قيادة المنصب . لمجرد اختلاف الدين !!! مهما كان مصريا أبا عن جد منذ 5آلاف سنة .. وقد يكون كفاءة نادرة . فتحرموا منه الوطن والشعب !. وذلك لانكم لا تريدون الاندماج مع انفسكم . أما فرنسا وشعبها المتحضر فهو يقبل الاندماج مع كل شعوب العالم ، ولا ما نع لدي الشعب من أن يحكم فرنسا رئيس جاء من بلد بعيد أحب فرنسا فأحبته وساوته بمواطنيها .
( أكثر من صوت ) : كلام مضبوط ..، كلام سليم ، كلام معقول .. ) .
وجيه : ( معترضا ) صحيح هم بأمريكا والغرب قبلوا اناس من عندنا بالشرق وفتحوا أمامهم أبواب أكبر المناصب . ولكن كله داخل النظام الغربي وحسب النظام الغربي .
ماجد : ( يرد عليه باندهاش ) غريبة ..! يعني عاوزه يكون حسب النظام عندنا ؟! ما هو النظام الفالح الناجح عندنا وتريدهم اتباعه وتطبيقه عندهم ! ؟! قل لنا عليه . لنطالبهم بتطبيقه والسير حسبه وليس حسب نظامهم الغربي الذي لا يعجبك ..!
أنور : ( مؤيدا ماجد ، وموجها كلامه الي وجيه ) صحيح .. ما هو النظام الذي نملكه عندنا ؟ هل عندنا سوي نظام اللانظام . في كل شيء . الديكتاتوريات والدروشة والصلاة أثناء وفي أماكن العمل ! والحجاب والنقاب والارهاب ؟! هذا هو النظام عندنا . ولولاه كنا نهضنا واتقدمنا مثلهم ، أو نصف أو حتي ربع ما تقدموا .. أو حتي كنا تقدمنا مثلما تقدم من تقدموا بالشرق ، وبلاش الغرب خالص الذي نتهمه بانه يتأمر علينا ليفرض علينا العولمة ..!
( صوت العواء يعود من جديد ، ويقترب . ثم يطل برأسه وبشعره المنكوش ووجه المغبر وملابسه الممزقة وملامحه المجنونة ليصيح مرة أخري ) : عوووو لمة ...عوووو لمة ... عوووو لمة ) .
أنور : ( يناديه برفق وباشفاق ) تعالي يا أستاذ " فراج " تعالي
ماجد : ( تعالي يا استاذ " فراج " تعالي اقعد وفهمنا المشكلة ، واحنا سنفهمك ما قاله الناس الذين نتهمهم بانهم سوف يعولموننا .. تعالي ..
( اكثر من صوت ، ينادون الأستاذ " فراج " ، ويدعونه للجلوس معهم ليشرح لهم ويسمع منهم ) .
فراج : ( يبدوعلي وجهه الشك والريبة ..فيشهق قائلا ) : هل خدعوكم؟! هل بلفوكم ؟! هم أقنعوكم بالعولمة ؟! لا .. لا .. أنا عارفهم كلامهم مقنع ، أنا فاهمهم ، وفاهم العولمة ، فاهمها تمااام وفاهم ملاعيب بتوع العولمة .. أنا لن أتعولم .. ( يعلو صوته بعض الشيء ) : عاوزين يعولموني ..( يتهدج صوته ) عاوزين يعولموني ( يبكي ) هيء هيء ( يصيح عاليا بقوة ) : لا لا .. ( ثم ينصرف بجنون وهويصيح ) عوووو لمة .. ، عوووو لمة ...، عوووو لمة ..
( ويمضي الصوت في الابتعاد تدريجيا حتي يتلاشي ) : عوووو لمة ، عوووو لمة ، عووو لمة ....
- ستار -
( تمت ) 22-11-2009
سبق النشر بموقع الحوار المتمدن عام 2009
******
******
تعليقات
إرسال تعليق