طعنة شرعية في القلب

طعنة شرعية في القلب
كتب : صلاح الدين محسن
15-9-2023
 
يَحكي نجم الكوميديا الشهير " فؤاد المهندس " . في أحد البرامج الفضائية . كيف أبلغ زوجته - أم ولديه - خبر زواجه من زميلته الممثلة " شويكار "  حيث لم تكن أم ولديه ,  قد علمت به بعد .

كانت زوجته برفقته . وهو يقود السيارة , فقال لها : 
" أقول لك علي حاجة : انا تزوجت شويكار " .
ويواصل فؤاد , حديثه :
 " فوجدتها قد انهارت في مكانها " ( وصَوًّر بيديه وبجسده , كيف انهارت ) ..
ويضيف : وبعدها مرضت - وكان مرض الموت 
وأكمل حديثه , والدموع تنزل من عينيه ( فقد قتلها ! لكن بترخيص من الشرع  الرحيم ) : الله يرحمها . كانت سيدة عظيمة .

فيا لها من طعنة درامية , سددها نجم الكوميديا .. الي قلب زوجته وأم ولديه .. فقضي علي حياتها 
ولكن الطعنة كانت شرعية . أحلّها له إلهٌ رحيم , هو أرحم الراحمين ! ونبي كريم , هو أشرف الخلق أجمعين ! وسيد الأنبياء والمرسلين .!. ورَبُهُ أرسله رحمة للعالمين ! ( وما أرسلناك الا رحمة للعالمين - سورة الأنبياء 107 - ) .. !!
فجل جلال ذاك الإله .. و سما وغلا .!. و علي نبيه ( الكريم ! ) صلاته وسلامه هو وملائكته أجمعين  .. .. !

وموت الزوجة كان لخطأ منها هي .. اذ كان يجب عليها احترام الشرع الرحيم . وبمجرد ابلاغها بزواج زوجها من امرأة أخري . أن تطلق زغرودة فرح , مدوية , تهتز لها مقاعد السيارة . وتطلب من زوجها التوجه لبيت العروس " شويكار" لتهنئتها . وفور الوصول . ونزولها من السيارة . أمام منزل العروسة . تطلق عددا من زغاريد الأفراح - المجلجلة . التي تجيدها نساء مصر , وتتفوق فيها علي نساء كل دول المنطقة العربسلامية - ..
حتي يخرج السكان - جيران العروس , ويطلوا من بيوتهم وشرفاتهم , ليشاهدوا .
ثم تدخل بيت العروس " شويكار" . عروسة زوجها . وهي تزغرد , وتحتضن ضرتها - شريكتها في زوجها . بما لا يخالف الشرع الرحيم - وتقبِّلها وبحرارة , مهنئة اياها , بالزواج السعيد . وتطلق عددا آخر من زغاريد الفرح . 
ثم تلبي دعوة العروسة لها بالجلوس . فتجلس علي أقرب مقعد . لمدة ستين ثانية - دقيقة كاملة - ,و تموت بهدؤ .. 
لتكتب لها الشهادة . بعدما أطاعت وامتثلت لحكم الشريعة السمحاء الرحماء الغراء  الحسناء الدعجاء . 
فتنتقل روحها الطاهرة الي الجنة علي الفور ...
 
( جميعهم الآن قد ماتوا ! .. ثلاثتهم ماتوا - فؤاد المهندس وشويكار . لحقا بزوجته , اللذان تسببا في موتها .. لم يبق منهم أحد فوق تراب الأرض , بل كلهم امتزجوا بالتراب في أجواف قبور مظلمة ! ) 

وهناك في الجنة , عندما يحين الأوان وتلتقي بزوجها البار - العريس -  .. 
تجد معه وحوله 72 عروسة أخري - حوريات الجنة -
 كلما وطأ - زوجها - عروسة من الحوريات ,  وفض بكارتها ... تطلق لهما زغرودة فرح أخري . بعدما تضع يدها علي قلبها ليصمد , ويحتمل طعنة جديدة - في الحياة الآخرة , بالجنة - فوق الطعنة التي تلقاها قلبها المسكين وقضت عليه , في الحياة الدنيا . وبعد تلقيها لبضعة طعنات قليلة أخري بالجنة , تستقبلها بالزغاريد .. ! , تسقط  فاقدة للوعي ..  
موتة جميلة . فمن تلك المرأة التي لا تتمني الموت في الجنة , وهي تطلق زغاريد الفرح لزوجها - عريس ال 72 حورية - 72 ضرة , وليست 3 ضرات ؟!
ولكن يحضر الملائكة المسعفون بالجنة , ويعملوا لها اللازم فتعود للحياة . وكأنها وحسب كانت في حالة اغماء .. 
---
بعض النسوة غير الصابرات ولا  القانتات , عندما تدخل إحداهن الجنة وتجد حول زوجها 72 حورية - 72 ضُرّة ! وليست ضُرّة واحدة  ولا حتي 3 ! .. بل 72 ! . بخلاف الولدان المخلدين .. يجن جنونها , وتفقد ايمانها وصبرها فلا تطلق ولا زغرودة فرح تحية ومجاملة منها للعريس - زوجها - بل تتمرد علي وجود 72 زوجة من الحوريات ملكاً له !
إحداهن أسرعت مندفعة بالاتجاه نحو البوابة التي تقود الي الخارج .. وخرجت مسرعة ..
ركض " رضوان " .. بواب الجنة ( الناطور - أهل لبنان وسوريا , يسمون البواب : الناطور ) - محاولاً الامساك بها ليمنعها , فتتمكن من الافلات منه . والخروج  ! 
فيهتف رضوان - بواب الجنة - فيها برفق : الي أين يا سيدتي المؤمنة الكريمة ؟
فترد عليه بسؤال : طريق جهنم الي أين ؟ لأدخل جهنم أفضل من العيش مع 72 ضرة في مكان يسمي جنة ! .. بربك دلني عليه يا أمين الجنة ؟
رضوان : لن تقدري علي العيش في جهنم
السيدة : ألا توجد منطقة وسطي بين الجنة وبين النار ؟
رضوان : بل توجد يا سيدتي . منطقة وسطي .
السيدة : حسناً , دعني أعيش في تلك المنطقة . 
( ثم تردد بصوت مسموع : الكذاب , الكذاب )
يسالها " رضوان " : من يا سيدتي !؟ أنا لا أكذب عليكِ !
السيدة : بل أقصد " نزار قباني " الكذاب , هو وقصيدته " إختيار " ,  التي زعم لنا فيها : " لا توجد منطقةٌ وسطى , ما بين الجنة والنار.. !! " . 
وراحت تكرر : شاعر كذاااب , كذاب .. هو وكاظم الساهر - من لحن وغني القصيدة الكاذبة - شغل تجاري ! أعمال فنية تجارية - كلها كذب في كذب :
" اني خيرتك فاختاري ما بين الموت علي صدري أو بين دفاتر اشعاري " يا له من تخيير سخيف من شاعر مهرج , ومطرب مهرج مثله , يغني له مثل ذاك العبث الفارغ . ! 
رضوان - بواب الجنة - ( يبدو انه غير مسموح له بتعقب من يخرج من الباب لخارج الجنة . ان لم يتمكن من اقناعه بعدم الخروج ..  ويبدو متوسلاً للسيدة للعودة والدخول ..
ووسط انشغاله معها لاقناعها بالعودة للداخل , تكون سيدة أخري , في يدها واحد من الولدان المخلدون - استدرجته - .. تترقب وقد بدا عليها أنها تنوي الفرار .. وتغافل " رضوان " وتندفع كالسهم , الي خارج باب الجنة , هي والولد المخلد ) ..

رضوان : ( يشهق مذعوراً , بعدما عجز عن منعهما ) : ما هذا يا سيدتي المؤمنة الكريمة ؟! .. 

رضوان : ( يجلس حزيناً , فوق كرسيه , وقد أحني رأسه ووضعه بين كفيه . وهو يقول ) : يا وقعتك الغبراء يا رضوان  .. ! السيدات المؤمنات , ماذا دهاهن , حتي يتمردن علي الجنة , ويخرجن منها ؟ ! هل أصابهن مَسٌ من جنون !؟
واذا بامرأة أخري - في يدها أحد الغلمان المخلدين - تباغته وتنظلق خارجة , وتلحق بمن سبقتها .. 
ثم تعقبها امرأة رابعة ومعها اثنين من الولدان المخلدين . في كل يدٍ ولد . 
رضوان : ( ينظر اليهن , وهن بخارج البوابة , وكله حسرة ,  وبدا عليه شعور بان الزمام قد أفلت منه ) 
تخرج إمرأتان أخريان مسرعتين , وبيد كلٌ منهما واحد من الولدان المخلدين
--
في خارج بوابة الجنة .. النسوة اللائي تمكن من الفرار من الداخل .. يتأملن بعضهن . وكأنهن يردن التعارف 
إمرأة ممن هربن من داخل الجنة لخارج البوابة  ( تتأمل امرأة أخري , مليّاً , ثم تسألها ) : ألست شويكار ؟؟؟
شويكار : نعم أنا 
المرأة : ألا تعرفيني ؟
 شويكار ( تتأملها , فلا تعرفها ) فتقول لها : شرفيني بمعرفتك
تجيبها :  أنا الزوجة الاولي لفؤاد المهندس . أم محمد و أحمد , الزوجة التي تزوجتيه عليها ! أنا ضرتك وأنتي ضرتي في الدنيا , حيث شاركتيني في زوجي خلسة , بدون رضايَ , فتسببتي في موتي .. !.
شويكار : ( و قد امتلأ وجهها بالشعوربالذنب والأسي والندم ) : 
آسفة .. آسفة ,,  هل سامحتيني ؟ ألا تسامحيني ؟
زوجة فؤاد المهندس " ( ترد عليها ) : سامحتك .. سامحتك .
شويكار : ( هامسة ) بعد ماتزوجت فؤاد , حوالي 20 سنة , قلبي دق لواحد تاني . أحببته موت . قلت أنكد علي فؤاد , وأطيّن عيشته بطيّن , لحد ما يزهق ويطلقني . ودا اللي حصل , واتزوجت حبيبي الجديد , بس بما لا يخالف الشرع الرحيم ..
زوجة فؤاد  المهندس - أم ولديه - : دعينا يا شوشو , من تلك الأيام . لا نريد تذكرها .
شويكار : ( تجد يدها فارغة من واحد من الولدان المخلدين ) تسألها : لماذا لم تلتقطي لكِ ولداً مخلداً ؟
ترد عليها : كنت في عجلة من أمري , وكل ما فكرت فيه الهرب بمفردي. ولم اصدق انني ساتمكن من ذلك 
( شويكار - التي كانت قد ظفرت بولدين مخلدين , اذ هربت وفي كل يدٍ ولداً 
شويكار ( بلطف وبشهامة , تقول لها ) : 
خذي يا حبيبتي واحداً مني , معي ولدين اثنين , ظفرت بهما .. ( تمسح بيدها علي رأس أحد الولدين , وتقبّله ) : 
قائلة له : هيا يا جميل , وانضم لصديقتك , انها جميلة مثلك .
 زوجة فؤاد المهندس - تمد يدها وتأخذ يد الولد , تنظر في عينيه , يبادلها الابتسام , فتقبله . وتضع يده في يدها .

في تلك اللحظة .. يسمع من بالخارج - وكذلك " رضوان " - ينتبه علي صوت يأتي من الداخل , رجل مكلوم , يصيح : 
وِِلداني ! ولداني المخلدون .. أراهم يتناقصون ! هل يخذلوني ويهربون مني الي سيد آخر ,, أم هم يُسرقون ؟!  

 نساء اخريات يغافلن " رضوان " ويخرجن وفي اياديهن ولدان مخلدون ..
احدي النساء - توجه كلامها للأخريات - : 
يبدو  لي , أن بيننا نساء جئن من مصر . فأقول لهن : 
هنا ممنوع الزغاريد .. أعرف ان المصريات مسحوبات من ألسنتهن علي الزغاريد ! ولو لشبه مناسبة لا تستدعي ذلك ..! رجائي .. لا تتسببن في طردنا من هنا , وسوف نقوم معاً بتشجيّر هذه المنطقة وتخضيرها , ونعيش فيها بحرية وبسعادة .. 

إحدي النساء : وخلي ولاد ( ال ك ل ا ب ) جوا مع الحوريات .. ! 

إمرأة أخري تمسك لهن بشعرها لتقسم به : ها هو .  سوف أحلقه . ان لم تهرب منهم حتي الحوريات وتلحقن بنا هنا ..

المرأة التي حذرت من اطلاق الزغاريد ( تكرر تحذيرها ) : أنا قلت ممنوع الزغاريد ..
ترد عليها "شويكار " - متوسلة َ - : زغرودة واحدة علي لساني ومافيش غيرها , لأني فرحانة بنجاحي في الهروب من الداخل .. وح أموت لو ما فقعت الزغرودة . أفقع زغرودة واحدة بس . !
ترد عليها - بانزعاج - وتحذرها : أوعي .. ! حِسّك عينك .. تزغردي هنا !  , لا تتسببي في طردنا من هذا المكان .. و ما في غير جهنم يرمونا فيها .. .. !

شويكار : ( بحركة كوميدية , تضرب فمها باطراف أصابع يدها , وهي تقول ) : " اسكُت يا لساني ! مافيش زغاريد هنا ! " .. ثم تضع كفها فوق فمها مغلقة اياه ..
( الجميع يضحكون .. النساء , و الولدان ) .
=====
 ____________________________

تعليقات